ناجح على (الحُركرُك)
بعد فوز شاق أشبه بالولادة القيصرية، تمكن النادي
الأهلي من العودة مجدداً إلى دور المجموعات في دوري أبطال إفريقيا بعدما
كان قد غاب عنه الموسم الماضي، ولكن نجاح نادي القرن في إفريقيا في التأهل
إلى الدور القادم جاء على (الحُركرُك).
بداية وقبل أن استرسل في مقالتي، أود أن أتوجه بإعجابي الشديد لكل من
شهاب الدين أحمد ومحمد بركات وعماد متعب وشريف عبدالفضيل علي أدائهم في
المباراة، وسأخصص فقرة في النهاية لأبرر فيه أسباب إعجابي بهذا الرباعي على
وجه التحديد.
وأعود إلى ما وددت الحديث عنه إلا هو طريقة النجاح على (الحُركرُك)، وهي
كلمة عامية مصرية تعني اجتياز فرد ما لحاجز أو إنجازه لمهمة ما بشق الأنفس
وهو بالفعل ما فعله ألأهلي أمام الاتحاد.
فلا خلاف في أحقية الأهلي للتأهل بعد الجهد الذي بذلوه لاعبوه "بمفردهم"
داخل المستطيل الأخضر في يوم كانت درجة الحرارة فيه 42 درجة مئوية في
الظل، ولكني اختلف بشدة مع كثيرين هللوا عقب اللقاء للجهاز الفني للأهلي
وعلى رأسه الكابتن حسام البدري مشيدين بقدرته على قيادة الفريق للنصر.
وهذا - من وجهة نظري الشخصية - ليس صحيحاً، فالبدري لم يكن السبب
الرئيسي في انتصار الأهلي، بل أستطيع القول بأن المباراة شهدت أخطاء فنية
فادحة غطى عليها سيناريو الفوز المثير مثلما غطى هدف تعادل بركات أمام
الزمالك على أداء الأهلي الفني "الكارثي" في لقاء القمة الأخير، علما أيضا
بان السبب الرئيسي في جعل مباراة الإياب أمام الاتحاد الليبي مثيرة وتحت
ضغط إعلامي كان خسارة الأهلي لمباراة الذهاب في ليبيا بهدفين نظيفين لأسباب
فنية من الدرجة الأولي يتحملها الجهاز الفني نفسه.
أول الأخطاء الفنية التي ارتكبت في لقاء الإياب كان تضاد الفكر الهجومي،
ففي الوقت الذي اعتمد فيه الأهلي تماماً في هجماته على طرفي الملعب بوجود
شريف عبدالفضيل في الجهة اليمني وسيد معوض في الجهة اليسرى مع مساندة محمد
بركات "صاحب الخمس رئات" لكليهما على فترات متفاوتة، لعب الأهلي بمهاجم
وحيد فقط داخل منطقة الجزاء وهو عماد متعب وكان يسانده أحمد حسن من الخلف
في ظل سقوط محمد أبوتريكة لنصف الملعب للهروب من الرقابة الليبية.
الأداء الرائع الذي قدمه كل من عبدالفضيل وسيد معوض في طرفي الملعب
جعلهما يرسلان ما لا يقل عن 10 كرات عرضية طيلة هذا الشوط بدون أي فاعلية
من الهجوم وذلك بسبب وجود مهاجم أوحد داخل المنطقة هو عماد متعب وكان
يسانده في بعض الأحيان أحمد حسن والذي لم يكن ليستطيع - منطقياً - أن يضاهي
مدافعي الاتحاد طوال القامة في اقتناص الكرات العرضية.
الأمر كان واضحاً للجميع بأن هناك مشكلة في الهجوم الأهلاوي "المفرد"
وبالتالي كانت هناك حاجة إلى إدخال مهاجم ثان حتى يستطيع استغلال هذا الكم
من الكرات العرضية المهدرة.
ودعوني أولاً أسرد لكم واقعة حدثت خلال المباراة والتي حضرتها مع بعض
الأصدقاء في استاد القاهرة، ففي الشوط الأول للقاء وبالتحديد في الدقيقة 42
وفي ظل التعادل السلبي الذي كان يسيطر علي الأجواء، شاطت أعصاب جماهير
المقصورة الأمامية تماماً وبدأت في مطالبة البدري بإدخال المهاجم محمد فضل
ليكون مهاجم ثان بجوار عماد متعب.
وبالفعل لم تكد تمر ثواني قليلة علي مطالب الجماهير، حتى فوجئت شخصياً
بالبدري يأمر فضل بإجراء عمليات الإحماء حتى يستعد للمشاركة في الشوط
الثاني.
بالعودة بالذاكرة قليلاً إلى الخلف، سنجد أن فضل لم يشارك مع الأهلي في
أي مباراة منذ مباراة الاتحاد السكندري في الأسبوع الـ26 للدوري حيث خاض
الفريق 4 مباريات بعدها 3 منها في الدوري وواحدة في دوري الأبطال كانت
مباراة الذهاب أمام الاتحاد في ليبيا وجميع هذه المباريات كان فضل يغيب عن
المشاركة فيها لأسباب فنية بحتة سواء باستعباده من قائمة الـ18 أو بالإبقاء
عليه على دكة الاحتياط.
بل الأكثر من ذلك أن مباراة المنصورة الأخيرة في الدوري والتي سبقت
مباراة الاتحاد، لم يتم اختيار فضل من الأساس فيها وتم الدفع بكل من
المهاجمين الليبيري فرانسيس دو فوركي وإسامة حسني واحمد بلال.
السؤال الآن، ما هو ترتيب محمد فضل في قائمة مهاجمي الأهلي؟ ولماذا تم
استعباده من المباريات السابقة؟ ثم لماذا تم الدفع به فجأة في مباراة
الاتحاد؟
ويعيد السؤال طرح نفسه مجدداً في حالة أحمد بلال وفرانسيس واللذين شاركا
في مباراة المنصورة وتم استبعادهما من مباراة الاتحاد، فضلاً عن أن
فرانسيس شارك في مباراة الاتحاد في ليبيا وقدم أداء جيداً هناك بغض النظر
عن فشله في إحراز الأهداف.
المثير أن تغيير فضل - والذي شاركت الجماهير في إحداثه - كان هو الوحيد
المؤثر بين 3 تغيرات قام بها البدري في المباراة حيث انضم كل من أسامة حسني
وأحمد شكري إلى الفريق، ففضل استطاع أن يساند متعب في الخط الهجومي وتمكن
من إجبار مدافعي الاتحاد على البقاء داخل منطقة جزاء الاتحاد الليبي طيلة
الشوط الثاني فضلاً عن قدرته التهديفية العالية في الكرات العرضية والتي
أحرز منها الهدف الثاني.
الأخطاء الفنية التي ارتكبت تؤكد أن الأهلي مازال يعاني فنياً في
مبارياته، الأمر الذي يجعل انتصاراته تأتي على (الحُركرُك) خاصة في
المباريات الجماهيرية التي تُلعب داخل القاهرة، مما يجعل فرصة الفريق في
إحراز انتصار خارج أرضه أمر في حكم الاستحالة، ويكفي أن الفريق فشل في
الفوز أو حتى تحقيق التعادل في مباراتي دور الـ32 للبطولة الإفريقية أمام
فرق مجتهدة مثل جانرز والاتحاد.
أيضا اثبت الموسم الحالي، أن الأمور العاطفية بدأت تسود في تقييم الأمور
داخل القلعة الحمراء وأصبحت النتائج هي الفيصل الأساسي للحكم بغض النظر عن
كيفية تحقيقها وبغض النظر عن التقييم الحقيقي لها.
ووعدت في بداية المقال بأن أخصص فقرة الأخيرة لكل من الرباعي شهاب الدين
أحمد ومحمد بركات وعماد متعب وشريف عبدالفضيل، فالأول قدم مباراة أكثر من
ممتازة أكاد أُجزم بأن نسبة تمريراته الصحيحة زادت عن 90% منها ناهيك عن
هدفه الصاروخي الذي جاء من منتصف ملعب الاتحاد تقريبا، أما بركات فقد أثبت
بالفعل أنه أهم لاعب في الأهلي في السنوات الأخيرة وكان البرتغالي مانويل
جوزيه محقاً تماماً عندما قال إنه كان يعتمد على بركات أكثر من اعتماده علي
أبوتريكة، أما متعب فيكفي أن ترى الهدف الذي أحرزه بمهارة فائقة لتعلم مدى
التطور الذهني الذي وصل إليه هذا اللاعب سواء في التمركز داخل المنطقة أو
سرعة التسديد علي المرمي، وأخيراً يأتي عبدالفضيل الذي قدم أداء رائعاً في
الجهة اليمني سواء من الناحية الدفاعية أو الهجومية، وبإمكانه أن يحجز
لنفسه هذا المكان للأبد سواء في الأهلي أو منتخب مصر إذا استمر على نفس
المنوال.