كان من الممكن أن يتخذ حسام البدري قدوة من مانويل جوزيه أو جوزيه
مورينيو، أو حتى فابيو كابيللو، ولكنه قرر إنهاء "سنة أولى مدير فني" على
طريقة أحمد السقا، فجمع عددا من لاعبيه حوله وصرخ فيهم "من النهاردة مفيش
إدارة .. أنا الإدارة!"وتحدي البدري قرار إدارة الأهلي بعدم تفعيل عقد إعلاني مع شركة "اتصالات"
كسر القشة الأخيرة التي كان يتمسك بها المسؤولون للإبقاء عليه الموسم
المقبل على الرغم من التذبذب الواضح في مستوى الفريق، وعدم قدرته على
التفوق في المباريات الكبيرة أو أمام المديرين الفنيين الأكفاء.ففوز الأهلي بالدوري مع تجديد دماء الفريق كان السبب المعلن للإبقاء على
البدري، ولكن فعليا يعلم الجميع أن الأزمة المالية الطاحنة التي يعاني منها
النادي الأحمر هي السبب الحقيقي في عدم التفكير في مدير فني رفيع المستوى،
لاسيما وأن أي أجنبي مرموق سيبدأ طلباته من حيث انتهى مانويل جوزيه.ومع رفع ياسين منصور يده من المساهمة في تمويل فريق الكرة في الأهلي بعد
خلافات كثيرة مع مجلس الإدارة، أصبحت قدرات النادي المالية أقل بمقدار
النصف، وهي النسبة التي كان رجل الأعمال الشهير يتكفل بها.ولكن البدري ضرب بفرصة بقائه على رأس الجهاز الفني للأهلي عرض الحائط، وفضل
المضي قدما في استفزاز الإدارة، التي لم تعهد من قبل مثل هذا التحدي
السافر لقراراتها، خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق باتفاقات مع أطراف أخرى،
وعقود رعاية بالملايين، وغرامات بالملايين أيضا.ويضع هذا التحدي العلني لقرارات ومصالح النادي حسن حمدي في موقف صعب وحساس
للغاية، فهو مطالب باتخاذ إجراء رادع حتى لا يمر الأمر وكأنه لم يكن، ويصبح
سابقة يستند عليها آخرون في التغريد خارج السرب، كما يتوجب عليه أيضا
احتواء الأمر مع "فودافون" حتى لا يدخل في دوامة مالية جديدة هو في غنى
عنها.ولكن بعيدا عن مأزق إدارة الأهلي، كيف كان يفكر البدري؟ وكيف استطاع أن
يطلق قنبلته في وجه النادي واللاعبين والجماهير في مثل هذا التوقيت الحساس
من الموسم؟فالأهلي مقبل على مباراة درع الدوري بعد أيام قليلة، وهو لقاء مضمون في
الظروف الطبيعية، ولكن يجب حسمه أولا حتى يتوج فريقه رسميا بطلا للمسابقة،
وهي مهمة لم تعد في المرتبة الأولى في أولويات النادي مع الأزمة الأخيرة.يعاني الأهلي أيضا من هزيمة بهدفين نظيفين في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال
إفريقيا، ويحتاج لكل ذرة تركيز من لاعبيه لعبور الاختبار في العودة، كما
لايزال أمامه بطولة كأس مصر والتي سيواجه فيها الزمالك بنسبة 99%.نسى الرجل مهمة إنهاء الموسم بالتأهل الإفريقي، الذي يضمن أيضا للأهلي
مبلغا لا بأس به في معركته المالية للموسم الجديد، ويضمن أيضا للبدري نفسه
البقاء في مقعده، الذي أتى له من البداية بعرض للظهور في إعلان، لم يكن
سيأتيه إذا كان مدربا لأي ناد آخر.شخصية منصور الحفني، التي لعبها السقا ثم البدري، تحتاج تعامل من نوع خاص
حتى لا تقع "الجزيرة" في أزمات فنية ومالية في هذا الوقت الحساس من الموسم
وتحافظ في الوقت نفسه على صورتها كمؤسسة مستقرة وناجحة.