by osamahlawy Fri May 07, 2010 1:34 am
korabia يتذكر "المايسترو" .. رحلة "الصالح السليم" بداية من هجمات سبتمبر ونهاية بفريق القرن
في 11 - 9 - 1930( حى الدقى - القاهرة- مصر) كان المولد وفي 6 - 5 - 2002 (مستشفى لندن كلينيك- إنجلترا) كانت الوفاة .. وما بين هذين التاريخين وهذين المكانين المتباعدين تتلخص قصة أعظم رياضي في مصر المحروسة خلال تاريخها الطويل, قصة رجل قلما يجود الزمان بمثله, قصة لاعب فنان, قصة عاشق للأهلي الكيان, قصة أسطورة إدارية يُشار لها بالبنان.
ثماني سنوات مرت على رحيل الأسطورة، ومازالت قصته نجاحه الطويلة تملأ الأسماع والأبصار، وهو شأن الكبار الذين لا يرتضون فقط بالتأثير وهم أحياء بل يتركون أعمالهم ومواقفهم باقية دليل لمن بعدهم، فطالما إهتدى مسئولو الأهلي للقرارات الصائبة في أزمة أو مشكلة ما استعادوا خلالها مواقفه السابقة لتدلهم، وكم تمنت الرياضة المصرية أن يكون متواجداً بيننا الآن لتحصل منه على رأي صائب أو شهادة حق في الأزمات الحالية، والتي أنهكت الوسط الرياضي في غير وجود ذووي الحكمة والرؤية المتزنة للأمور.
صالح سليم وشقيقهبداية القصة تعود لأب فاضل هو الدكتور محمد سليم أحد رواد طب التخدير في مصر وأم تعود جذورها لأل البيت الكرام، وأسرة مكونة من شقيقين أحدهما يصغره بعامين هو عبدالوهاب والآخر بثمانية أعوام هو طارق وكون الثلاثة فيما بعد مثلث لأشهر العائلات الكروية في كبير الأندية المصرية والعربية والإفريقية.
المايسترو الذي كان يسخر من موافقة أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ليوم مولده في نفس اليوم من عام 1930، ويقول أن إرتباط التاريخين سيجعله دائماً في الذاكرة, لم يكن يعرف أن التغير الذي طرأ على العالم سياسياً بعد تفجيرات نيويورك وواشنطون قد سبقه تغير رياضي مماثل قبلها بسبعين عاماً عندما ولد صالح ليكون علامة فارقة في تاريخ الرياضة بمصر وإفريقيا
والوطن العربي بل والعالم بأثره، لم لا ؟ وهو رمز لكيان رياضي يعتبره الكثيرون وبحق أحد أكبر وأعظم الصروح الرياضية في العالم أجمع بتاريخه وحاضره و بطولاته و مبادئه.
المايسترو صالح سليم هو أكثر رياضي في تاريخ كرة القدم العالمية حصولاً على التتويجات كلاعب ومدير كرة وعضو مجلس إدارة ورئيس ناد مع عشقه الأول ومحبوبه الكبير, وما بين التتويج بأول لقب للدوري المصري مع الأهلي في موسمه الأول 1948 - 1949وحتى تسلمه لدرع نادي القرن في جوهانسبرج 22 مايو عام 2001 سيبقى صالح سليم رمزاً تاريخياً للأهلي وقيمة ثابتة من الصعب أن يؤثر فيها زمن أو يمحوها فراق.
صالح سليم في لقطة من إحدى مبارياتهمنذ أن دخل الناشيء صالح سليم من بوابة النادي عام 1944 بعد إكتشافه من كشاف الأهلي وقتها حسين كامل حتى خروج جثمانه من صالة صديقة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل عام 2002 كان الأهلي هو بيته ومحرابه الذي عشقه، وكان على أتم استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل علو ورفعة هذا الصرح الشامخ الذي يفخر ويعتز به كل مصري وعربي.
لعب صالح سليم مع الفريق الأول بالنادي الأهلي منذ عام 1948 حتى عام 1967، وحصل مع الأهلي على (19) بطولة منها (11) في الدوري المصري و(7) بطولات لكأس مصر وبطولة الجمهورية العربية المتحدة من أرض سوريا الشقيقة عام 1961 بعد تغلبه على أهلي حلب (الاتحاد الأن) برباعية مقابل هدف واحد, وسجل صالح مع الأهلي (78) هدفاً في الدوري أولها في مرمى المصري البورسعيدي في الأسبوع الثالث لأول مواسم الدوري وأخرها كان في مرمى الترسانة الخامس من مارس عام 1965، وبينهما السباعية التاريخية في مرمى الإسماعيلي موسم 1957 - 1958، وكذلك سجل ستة أهداف في مرمى الزمالك منافس الأهلي التقليدي في الدوري, أما بطولة كأس مصر فقد سجل صالح فيها (14) هدفاً منها هدفان فس المرمى الأبيض بنهائس كأس مصر عام 1953 الذي فاز فيه الأهلي (4-1).
صالح سليم أعطى الكثير للكرة المصريةولأنه نجم بدرجة قدير وفنان كبير، فقد التحق صالح سليم بصفوف منتخب مصر وهو في العشرين من عمره وبالتحديد في 8 ديسمبر 1950ولعب أول لقاء له ضد منتخب تركيا وقاد المنتخبين الوطني والعسكري للعديد من البطولات والإنتصارات وكان ضمن منتخب مصر الحائز على أول نسخ كأس الأمم الإفريقية في السودان 1957 وكان قائد المنتخب الذي أحرز النسخة الثانية في القاهرة عام 1959 وشارك بعدها في دورة روما الأولمبية عام 1960 وظل يلعب بألوان العلم المصري حتى عام 1962.
وعندما فكر المدرب النمساوي فريتز في نجم أجنبي يساعد فريق جراتز على الصمود الدوري النمساوي بعد تدهور نتائجه في الدور الأول كان القائد صالح سليم في أولوية إختياراته وعرض عليه اللعب كمحترف في الفريق العريق عام 1963 وساهم صالح سليم من خلال الأهداف السبعة التي زار بها شباك المنافسين خلال الثماني مباريات التي خاضها ساهم في بقاء جراتز في الدوري، وسجل اسمه بحروف من ذهب في سجل المحترفين المصريين بتسجيله (7) أهداف في ( مباريات خاضها بألوان جراتز وهو رقم لم يحققه أي محترف مصري طوال التاريخ, وسرعان ما عاد إلى عشقه الأول ليساهم في تطوره كلاعب ومديراً للكرة وعضو مجلس إدارة خلال أواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين مواصلاً تنفيذ وصايا معلمه الأول الراحل الكبير محمود مختار (التتش).
بعد أن خاض صالح سليم آخر لقاء له بقميص الأهلي ضد الطيران، والذي أنهاه الأهلي بهدف نجمه الفلسطيني – المقيم بلندن الآن- فؤاد أبوغيدا عام 1966 قرر إعتزال كرة القدم في النادى الأشهر بعد (22) عاماً من العطاء كناشيء ولاعب مؤثر وقائد محنك لفريق الأهلي.
في بداية السبعينيات أراد الأهلي بناء جيل جديد وعهدت إدارة الأهلي وقتها للمايسترو مهام إدارة كرة القدم ومعه الخبير المجري الكبير هيديكوتي كمدير فني، وهو الجهاز الذي قدم جيل التلامذة الرائع الذي سيطر على مقاليد الأمور في مصر وعوض فترة الستينيات بعروض وبطولات وأداء لا يمكن لأي عاشق لهذا النادي نسيانها.
صالح سليم في الإحتفال بفوز الأهلي بلقب أفضل فريق في القارة الإفريقيةوفي عام 1972، دخل المايسترو الإنتخابات لأول مرة ونجح كعضو مجلس إدارة في مجلس الفريق عبدالمحسن كامل مرتجي وسرعان ما استقال لرفضه التفريط في حق من حقوق الأهلي، وخاض بعدها بأربع سنوات الإنتخابات على مقعد الرئيس ضد الفريق مرتجي نفسه وخسر بفارق بسيط بعد أن حصل على 45% من أصوات الجمعية العمومية، وهو في سن السادسة والأربعون وكانت هذه هي الخسارة الأولى والأخيرة في حياة معشوق الأهلاوية.
منذ أن تولى صالح سليم مقاليد الرئاسة في الأهلي عام 1980 حتى وفاته وهو رئيساً للنادي الأحمر، وفي عام 2002 سطر لنفسه تاريخ لا يمكن نسيانه بمواقفه ودفاعه المستميت عن الأهلي ضد كل من تسول له نفسه المساس به, وخلال المدة التي تولى فيها سدة الحكم في النادي الأكبر بأفريقيا والشرق الأوسط، والتي تقترب من العشرين عاماً وهي أطول مدة تولى فيها شخص رئاسة الأهلي خلال تاريخه الذي يزيد عن مائة عام وتفوق بها المايسترو على رمزي الأهلي الكبيرين جعفر والي باشا الذي ترأس الأهلي لمدة (19) عاماً وأحمد عبود باشا الذي رأس النادي ما يقرب من (15) عاماً, وخلال هذه الفترة حقق الأهلي في ظل رئاسة "الصالح السليم" ما لم يتحقق من قبل في كل عصور الأهلي، حيث فاز الأهلي بـ 31 لقب متنوع خلال هذه الفترة منها عشرون لقباً محلياً وأحد عشر لقباً خارجياً وكان مسك الختام تسلمة درع ناد القرن في جوهانسبرج قبل وفاتة بأقل من عام لتكون نهاية رحلة الرجل أسطورية تماماً مثل شخصيتة التي تمتعت "بكاريزما "غير طبيعية.
ولم يكن المايسترو أو الرجل السيف كما وصفته الصحافة كثيراً يملك أرض النادي كما يدعي البعض ولم يكن يملك الملايين كما يدعي البعض الآخر، بل كان يملك ما هو أهم, يملك كرامته وإعتداده بنفسه من ناحية ويقتني الكنز الوراف وهو حب وإحترام وعشق الملايين من عشاق الأهلي في كل مكان مما جعله الإختيار الأول لأعضاء الجمعية العمومية للنادي ضد أي مرشح مهما بلغت سطوته ومهما وجد من معاونة من أشخاص كان يمثل لهم الراحل الكبير عقدة أزلية.
صالح سليم رفض التمثيل على جماهيرهرحل صالح سليم منذ ثماني سنوات حظي بتقدير خاص من صحيفة "الديلى إكسبريس" الإنجليزية، والتي وصفته بـ "ستانلي ماتيوس الكرة المصرية" عام 1962، عندما تولى قيادة منتخب الأهلي والزمالك ضد توتنهام هوتسبير.
صالح سليم الذي أراد المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار أن يجعله خليفة لصديقة النجم العالمى عمر الشريف في السينما وقدمه من خلال "الشموع السوداء" مع نجاة الصغيرة ليكون فتى أول للشاشة الفضية مستغلاً شعبيته الجارفة وعشق الناس له وفضل هو الإبتعاد بعد تجربتين أخريين من خلال فيلمي"السبع بنات" مع المخرج هنري بركات و "الباب المفتوح" مع عاطف سالم وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامه لأنه لا يحب التمثيل لا في السينما ولا في الحياة.
صالح سليم هو الذي أنصف زميله بدوي عبدالفتاح لاعب الترسانة والأولمبي على حساب شقيقه طارق سليم في لقاء دولي للمنتخب المصرى بأثيوبيا، وهو الذي رفض التهاون مع نجله هشام ورفض استثناءه من قرار الشطب في حقه كعضو عامل بالنادي لتأخره عن دفع إشتراكه السنوي.
رحل صالح سليم منذ ثماني سنوات، ولكننا نشعر أنه لازال متواجداً بيننا لأن ما صنعه صالح للأهلي ومن خلال الأهلي لايمكن أن تُمحيه لا ثماني سنوات ولا حتى ثمانية قرون.